تنطلق الفلسفة من الذات، لأنها تبدأ من تجربة الإنسان ووعيه، ومن سعيه إلى فهم العالم ومكانه فيه. والذات هي نقطة البداية التي ينطلق منها الفيلسوف في تفكيره، فهي مصدر الأسئلة التي يطرحها، والأفكار التي يبحث عنها.
ولكن الفلسفة لا تقف عند حدود الذات، بل تتجاوزها إلى العالم، وتسعى إلى فهمه وتفسيره. ولذلك، فإن الفلسفة تنطلق من الذات لتعتنق العالمية.
وهناك عدة طرق يمكن من خلالها للفلسفة أن تنطلق من الذات لتعتنق العالمية:
- التفكير النقدي: إن التفكير النقدي هو من أهم الوسائل التي تساعد الفلسفة على تجاوز حدود الذات. فالتفكير النقدي يدفع الفيلسوف إلى مراجعة أفكاره وافتراضاته، والبحث عن أدلة تدعمها. وهذا يساعده على التخلص من التحيزات الذاتية، والنظر إلى العالم بموضوعية أكبر.
- الحوار والتواصل: إن الحوار والتواصل مع الآخر يساعدان الفلسفة على الخروج من دائرة الذات. فالفيلسوف الذي يتواصل مع فلاسفة من مختلف الثقافات والحضارات، يتعرف على وجهات نظر مختلفة، ويتعلم منها. وهذا يساعده على تطوير تفكيره، وتوسيع آفاقه.
- البحث عن المشترك الإنساني: إن الفلسفة تسعى إلى البحث عن المشترك الإنساني، الذي يجمع بين جميع البشر. وهذا يساعدها على تجاوز الفروق الثقافية والحضارية، والوصول إلى فهم أعمق للعالم.
وهناك العديد من الأمثلة على الفلسفات التي نجحت في الخروج من دائرة الذات، وتعتنق العالمية. فمثلاً، فلسفة سقراط كانت تسعى إلى تحرير الإنسان من الأوهام والأعراف التي تقيد حريته. وفلسفة أفلاطون كانت تبحث عن العدالة والخير في المجتمع الإنساني. وفلسفة أرسطو كانت تسعى إلى فهم الطبيعة وقوانينها.
واليوم، هناك العديد من الفلاسفة الذين يعملون على تطوير الفلسفة العالمية، التي تسعى إلى فهم العالم ومكان الإنسان فيه من منظور إنساني شامل.