أصل المعرفة: الحواس أم العقل؟
منذ القدم، شغلت قضية أصل المعرفة عقول الفلاسفة، فمنهم من يرى أن المعرفة مصدرها الحواس، ومنهم من يرى أن المعرفة مصدرها العقل.
المذهب التجريبي
يرى التجريبيون أن المعرفة مصدرها الحواس، وأن الحواس هي النافذة التي نطل بها على العالم الخارجي. فنحن نتعرف على العالم من خلال ما نراه ونسمعه ونشمّه ونذوقه ونلمسه.
ويرى التجريبيون أن الحواس لا تخدع أبدًا، وإنما قد يخدع الإنسان نفسه في تفسير ما تدركه الحواس. فمثلًا، قد يرى الإنسان ما يعتقد أنه رجل في الظلام، ولكنه في الحقيقة مجرد جذع شجرة.
ومن أهم فلاسفة المذهب التجريبي: جون لوك، وديفيد هيوم، وجون ستيوارت ميل.
المذهب العقلي
يرى العقليون أن المعرفة مصدرها العقل، وأن الحواس لا تعطي سوى معرفة ظنية. فالحواس لا تدرك سوى ظواهر الأشياء، أما العقل فهو الذي يدرك حقائق الأشياء.
ويرى العقليون أن الحواس قد تخدع الإنسان، فمثلًا، قد يرى الإنسان سرابًا في الصحراء، فيظن أنه ماء حقيقي.
ومن أهم فلاسفة المذهب العقلي: أفلاطون، وأرسطو، ورينيه ديكارت.
موقفي الشخصي
أرى أن المعرفة مصدرها الحواس والعقل معًا. فالحواس هي التي تزودنا بالبيانات الخام عن العالم، أما العقل فهو الذي ينظم هذه البيانات ويجعل منها معرفة.
فمثلًا، عندما أرى برتقالة، فإن الحواس تنقل إليّ بيانات عن شكل البرتقالة ولونها ورائحتها ومذاقها. أما العقل فهو الذي ينظم هذه البيانات ويجعلني أعرف أن هذه البرتقالة هي فاكهة ذات لون أحمر وشكل دائري ورائحة منعشة ومذاق حلو.
ولكن، يجب أن نتذكر أن الحواس قد تخدع الإنسان في بعض الأحيان، لذلك يجب أن نستخدم العقل بحكمة في تفسير ما تدركه الحواس.
الخاتمة
في النهاية، فإن قضية أصل المعرفة هي قضية معقدة لا يمكن حسمها بشكل نهائي. فكل من المذهب التجريبي والمذهب العقلي له حججه وأدلته.