أحد معلمي هو الدكتور عبد اللطيف أبو زيد، وهو أستاذ اللغة العربية في جامعة القاهرة. لقد تعلمت منه الكثير عن اللغة العربية، وخصوصًا عن النحو والصرف والبلاغة. كان الدكتور أبو زيد معلمًا مبدعًا وشغوفًا، وكان دائمًا يحرص على أن نتعلم بطريقة ممتعة وتفاعلية. كان أيضًا أستاذًا صارمًا، وكان يتوقع منا أن نبذل قصارى جهدنا في الدراسة.
أذكر أنني كنت أدرس في إحدى محاضرات الدكتور أبو زيد، وكان يشرح لنا درسًا في النحو. كان الدرس صعبًا بعض الشيء، ولم أكن أفهم بعض النقاط. فرفعت يدي وسألته عن النقطة التي لم أكن أفهمها. فقام الدكتور أبو زيد بإلقاء نظرة على الورقة التي كنت أكتب فيها، ثم قال لي: "أرى أنك تكتب بخط جميل جدًا. هل تحب الرسم أيضًا؟"
أجبته: "نعم، أحب الرسم كثيرًا."
فقال لي: "حسنًا، سأشرح لك هذا الدرس بطريقة مختلفة. سأرسم لك صورة، وستكون مهمتك هي أن تكتب لي شرحًا لهذا الدرس بناءً على الصورة التي سأرسمها لك."
فوافقت على ذلك، وبدأ الدكتور أبو زيد في رسم صورة. كانت الصورة عبارة عن شجرة كبيرة، وتحت الشجرة كان هناك طفل يقرأ كتابًا.
بعد أن أنهى الدكتور أبو زيد رسم الصورة، طلب مني أن أكتب شرحًا لهذا الدرس بناءً على الصورة. ففكرت قليلًا، ثم كتبت الشرح التالي:
"الصورة ترمز إلى أهمية القراءة. فالطفل في الصورة يقرأ كتابًا، وهذا يعني أنه يتعلم. والشجرة الكبيرة ترمز إلى المعرفة، ولذلك فإن الطفل يجلس تحت الشجرة ليتعلم منها.
وإذا نظرنا إلى الصورة بعناية، نلاحظ أن الطفل يجلس على جذع الشجرة. وهذا يعني أنه يبني المعرفة على أساس قوي، وهو أساس العلم.
وأخيرًا، نلاحظ أن الطفل سعيد وهو يقرأ الكتاب. وهذا يعني أن القراءة شيء ممتع ومفيد."
أعجب الدكتور أبو زيد بشرحي، وقال لي: "لقد فهمت الدرس جيدًا. أنت تتمتع بذكاء وفهم كبيرين. سأكون فخورًا بك إذا أصبحت أستاذًا في المستقبل."
كان هذا الموقف من الدكتور أبو زيد هو أحد المواقف التي أثرت فيّ كثيرًا، وجعلتني أحب اللغة العربية أكثر. لقد علمني الدكتور أبو زيد أن اللغة العربية ليست مجرد مجموعة من القواعد النحوية والصرفية، بل هي أيضًا لغة جميلة وغنية بالمشاعر والأفكار.