سيدة المقهى
تُطلّ من خلف النافذة الزجاجية للمقهى، ملامحها تتراقص مع بخار القهوة المتصاعد من فنجانها. شعرها القصير يكسو رأسها كغيمة خفيفة من الفضة، تُضفي على عينيها العسليتين نظرة حالمة. تجاعيد رقيقة تُزيّن زوايا عينيها، تُخبر قصص ضحكاتٍ دافئة ودموعٍ جفّت.
ترتدي قميصًا صوفياً بلون البيج، يلفّ جسدها النحيل بدفءٍ يقاوم برودة الصباح. تقرأ كتابًا بتركيزٍ عميق، بين الفينة والأخرى ترفع نظرها لتراقب حركة الشارع من حولها.
تُشعل سيجارة رفيعة بين أصابعها، تداعب دخانها بخفة كأنها ترسم لوحات فنية في الهواء. تُصدر قهقهة خافتة مع كلّ صفحة تُقلبها، وكأنّها تشارك سرًّا مع كاتب الكتاب.
هي سيدة المقهى، صاحبة الابتسامة الدافئة والنظر الحالم. تأتي كلّ صباحٍ لتُسعد جدران المقهى بوجودها، وتُشاركها حكاياتها المكتوبة على صفحات الكتب.
هي رمزٌ للسكينة في خضمّ ضجيج المدينة، ملاذٌ للهاربين من صخب الحياة. تُجسّد بروحها معنى الاستمتاع بالحظات البسيطة، وتُذكّرنا بجمال القراءة والتأمل.