الهواء المسموم: عدوّ خفي يهدد كوكبنا
يُخيّم على كوكبنا شبحٌ خفيٌّ يهدد صحة الإنسان والبيئة على حدٍّ سواء، ألا وهو تلوث الهواء. فما بين ثنايا الغلاف الجوي، تتربص بنا ملوّثاتٌ خطيرة بنسبٍ هائلةٍ، تُلامس 7 ملايين حالة وفاةٍ سنوياً، أي ما يُعادل واحداً من كلّ ثمانية وفياتٍ على مستوى العالم.
يُعدّ حرق الوقود الأحفوري، كالفحم والنفط والغاز الطبيعي، من كبار مُسبّبي تلوث الهواء، حيث يُطلق 80% من انبعاثات الملوّثات الضارة. وتأتي المركبات بمساهمةٍ هائلةٍ أيضاً، إذ تُطلق 25% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون و50% من انبعاثات أكاسيد النيتروجين.
ولكنّ الخطر لا يقتصر على مصادر التلوّث الخارجية، بل يُهدّدنا أيضاً داخل بيوتنا. فعمليات الطهي والتدفئة باستخدام الوقود الأحفوري تُطلق ملوّثاتٍ سامّةٍ تُشكّل 38% من انبعاثات المواد الجسيمية الدقيقة داخل المنازل.
إنّ آثار تلوث الهواء كارثيةٌ على صحة الإنسان، ممّا يُسبّب أمراضاً تنفسيّةً خطيرةً مثل الربو والتهاب الشعب الهوائي المزمن، وأمراض القلب والسكتة الدماغية، والسرطان، ناهيك عن التأثيرات على الجهاز العصبي ونموّ الأطفال.
ولكنّ الخطر لا يقتصر على الإنسان فقط، بل يُهدّد البيئة أيضاً. فالمواد الكيميائية الضارة تُسبّب الأمطار الحمضية، ممّا يُؤدّي إلى تلف الغابات وتلوّث المياه. كما تُساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري، ممّا يُهدّد بتغيراتٍ مناخيةٍ كارثية.
إنّ التصدي لتلوث الهواء مسؤوليةٌ عالميةٌ تتطلب جهوداً مُتضافرة من الحكومات والمنظمات الدولية والشركات والأفراد.
فمن واجب الحكومات سنّ اللوائح والقوانين الصارمة للحدّ من انبعاثات الملوّثات، ودعم الطاقة النظيفة، وتعزيز الوعي بأخطار تلوث الهواء.
وبدورها، يجب على الشركات تبنّي ممارساتٍ صديقةٍ للبيئة، واستخدام تقنياتٍ حديثةٍ تُقلّل من انبعاثات الملوّثات.
وأمّا الأفراد، فيمكنهم المساهمة من خلال استخدام وسائل النقل العام أو المشي أو ركوب الدراجات بدلاً من السيارات، وتقليل استهلاك الطاقة، واستخدام أجهزة موفّرة للطاقة.
إنّ الحفاظ على الهواء نقيّاً مسؤوليةٌ جماعيةٌ تتطلب تغيير سلوكياتنا والتزامنا بحماية كوكبنا من أجل مستقبلٍ أفضلٍ للأجيال القادمة.