التفاعل الحضاري هو عملية تبادل الأفكار والمعارف والقيم بين الحضارات المختلفة، وهو يساهم في تطور الفكر البشري وتنوع الثقافات. إن التفاعل الحضاري ليس جديداً على تاريخ البشرية، فمنذ القدم كانت الشعوب تتفاعل مع بعضها البعض من خلال التجارة والحروب والهجرة والسفر والدراسة. ومن خلال هذا التفاعل، تستفيد كل حضارة من إنجازات الحضارات الأخرى، وتضيف إليها ما تجود به من ابتكارات وإبداعات.
مثلاً، يمكننا أن نرى أثر التفاعل الحضاري بين الحضارة اليونانية والحضارة العربية الإسلامية في مجال العلوم. فقد ترجم علماء المسلمين كثيراً من كتب الفلاسفة والعلماء اليونانيين، مثل أرسطو وأفلاطون وإقليدس وأبقراط، إلى اللغة العربية، ودرسوها ونقدوها وأضافوا إليها ما اكتشفوه من حقائق جديدة. كما أن علماء المسلمين أسهموا في نشر هذه المعارف إلى الغرب، حيث تعرف عليها علماء أوروبا في العصور الوسطى، وتأثروا بها في مجالات مختلفة، مثل الرياضيات والفلك والطب والكيمياء.
ولولا ذلك التفاعل الحضاري بين الشرق والغرب، لما تقدمت الحضارة الإنسانية إلى ما هي عليه الآن. لأن التراث الذي خلفه الأقدمون هو منهلاً للاستزادة والابتكار للأحدثون. فالحضارة ليست ثابتة أو محصورة في زمان أو مكان، بل هي متغيرة ومتطورة بحسب التغيرات التي تحدث في حياة الإنسان. وهذا يتطلب من كل حضارة أن تكون منفتحة على التفاعل مع الحضارات الأخرى، بشرط أن تحافظ على هويتها وقيمها، وأن تستخدم المعارف التي تستفيدها في خير الإنسانية.