الإجابة على هذا السؤال تعتمد على التعريف الذي نعطيه لكلمة "خلق". إذا كنا نقصد بكلمة "خلق" أن التواضع كان موجودًا منذ البداية، فالإجابة هي نعم. فالتواضع هو الصفة التي تجعل الإنسان يقدر نفسه حق قدرها، ولا يتعالى على الآخرين، ويدرك أنه ليس أفضل منهم. وهذه الصفة كانت موجودة منذ البداية، فقد خلق الله الإنسان على هذه الصفة، كما قال تعالى: "ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" (التين: 4).
أما إذا كنا نقصد بكلمة "خلق" أن التواضع هو الذي أنشأ العالم، فالإجابة هي لا. فالتواضع ليس قوة خلاقة، وإنما هو صفة من صفات الإنسان. فالتواضع لا يستطيع أن يخلق شيء من لا شيء، ولا يستطيع أن يغير قوانين الطبيعة.
ولكن يمكن القول أن التواضع هو أحد العوامل التي تساعد على بناء العالم. فالتواضع يجعل الإنسان أكثر تقبلًا للآخرين، وأكثر تعاونًا معهم، وأكثر قدرة على حل المشكلات. ولذلك فإن التواضع يمكن أن يساعد على خلق عالم أكثر سلامًا وعدلًا.
وفيما يلي بعض الأمثلة على كيفية مساهمة التواضع في بناء العالم:
- يساعد التواضع على حل المشكلات: عندما يكون الإنسان متواضعًا، فإنه يكون أكثر تقبلًا لوجهة نظر الآخرين، وأكثر استعدادًا للتعاون معهم من أجل إيجاد حل وسط يرضي الجميع.
- يساعد التواضع على بناء الثقة: عندما يكون الإنسان متواضعًا، فإنه يعطي انطباعًا بأنه شخص جدير بالثقة، ولذلك فإنه يسهل عليه بناء علاقات إيجابية مع الآخرين.
- يساعد التواضع على نشر السلام: عندما يكون الإنسان متواضعًا، فإنه يدرك أن الآخرين لديهم الحق في الاختلاف معه، ولذلك فإنه يكون أقل ميلًا إلى العنف.
وبناءً على ما سبق، يمكن القول أن التواضع هو صفة إيجابية تساعد على بناء العالم، ولكن ليس بالمعنى الحرفي لكلمة "خلق".