نعم، يدعو المؤمن الله في السراء والضراء. فالمؤمن يعلم أن الله هو المعطي والمانع، وهو الذي بيده الخير والشر، وهو الذي يقدر الأمور ويحكمها. لذلك فهو يدعو الله في السراء شكرًا على نعمه، وفي الضراء طلبًا لرحمته ومغفرته.
وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له." (رواه مسلم).
ففي السراء يدعو المؤمن الله شكرًا على نعمه، فيزيده الله من نعمه، ويزيده قربًا منه. وفي الضراء يدعو المؤمن الله صبرًا، فيصبر الله له ويرفع عنه البلاء، ويكتب له الأجر والثواب.
وهناك العديد من الأدلة في القرآن الكريم والسنة النبوية على أهمية الدعاء في السراء والضراء. فالله تعالى يقول: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" (البقرة: 186).
وقوله تعالى: "وَلَا تَقْنَطُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَقْنَطُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" (يوسف: 87).
وقوله تعالى: "وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (الأنعام: 17).
وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدرها." (رواه الترمذي).
وبناءً على ما سبق، فإن الدعاء في السراء والضراء من أهم العبادات التي يجب أن يحرص عليها المؤمن، فهو دليل على إيمانه بالله تعالى، وحسن توكله عليه، واعتماده عليه في كل أمره.