حاول أبو نواس نيل الدنيا والآخرة من خلال طريقتين رئيسيتين:
الطريقة الأولى: سعى أبو نواس إلى نيل الدنيا من خلال التمتع بملذاتها المادية، مثل الخمر والغناء والمجون، كما سعى إلى تحقيق الشهرة والمكانة الاجتماعية من خلال شعره. وقد تجلى ذلك في شعره الذي عكس حبه للحياة ومتاعها، كما عكس سعيه إلى الشهرة والمكانة الاجتماعية. ومن أمثلة ذلك قوله:
دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ وَدَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ صَفراءُ لا تَنْزلُ الأحزانُ سَاحَتها لَوْ مَسّها حَجَرٌ مَسّتْهُ سَرّاءُ
الطريقة الثانية: سعى أبو نواس إلى نيل الآخرة من خلال الالتزام ببعض الشعائر الدينية، مثل الصلاة والصيام، كما سعى إلى التقرب إلى الله تعالى من خلال شعره. وقد تجلى ذلك في شعره الذي عكس إيمانه بالله تعالى، كما عكس سعيه إلى التقرب إلى الله تعالى. ومن أمثلة ذلك قوله:
أَلَا رَبِّ مَنْ هَذَا الْبَطْنُ بَطْنِي وَمَنْ هَذِهِ الْعَيْنَانِ وَهَذَا الْفَمُ وَمَنْ هَذِهِ الْيَدَانِ وَهَذَا الرِّجْلَانِ فَإِنْ عَذَبْتَ فَمَنْ أَعْذِرُ؟
وقد حاول أبو نواس التوفيق بين هاتين الطريقتين، ولكن يبدو أنه لم ينجح في ذلك بشكل كامل. فقد انعكست حياته المتناقضة في شعره، حيث نجد قصائد تعبر عن حبه للحياة ومتاعها، وقصائد أخرى تعبر عن إيمانه بالله تعالى ورغبته في التقرب إليه.
ولعل ذلك يرجع إلى أن أبو نواس كان يعيش في فترة تاريخية كانت فيها ملامح الحياة الروحية والحياة المادية متداخلة بشكل كبير. فقد كانت الدولة العباسية في أوج قوتها، وكانت الحياة المادية فيها مرفهة، وكان هناك اهتمام كبير بالعلم والثقافة والأدب. وقد كان أبو نواس من أبناء هذه الفترة، فنشأ في بيئة كانت فيها الملذات المادية متاحة، كما كان هناك اهتمام كبير بالأدب والشعر.
ولعل ذلك هو ما جعله يحاول التوفيق بين هاتين الطريقتين، ولكن يبدو أنه لم ينجح في ذلك بشكل كامل. فقد انعكست حياته المتناقضة في شعره، حيث نجد قصائد تعبر عن حبه للحياة ومتاعها، وقصائد أخرى تعبر عن إيمانه بالله تعالى ورغبته في التقرب إليه.