قصيدة محالبين للشاعر المصري محمود سامي البارودي، وهي من أشهر قصائده، وقد نظمها عام 1853م، بعد أن نُفي من مصر إلى الأستانة.
تتناول القصيدة موضوع الغربة والفراق، حيث يعبر الشاعر عن معاناته منهما، ويصف مشاعره الحزينة وآلامه الشديدة.
يبدأ الشاعر القصيدة بالبكاء على حاله، ويصف كيف أثر عليه الفراق، وكيف أنه جعله شيخًا قبل الأوان:
محا البين ما أبقت عيون المها مني فشبت ولم أقض اللُّبانة من سني
ثم يخاطب الحمام، ويعاتبه على أنه سبب بكائه، لأنه يذكره بحبيبته التي تركها في مصر:
حمامُ البانِ، هل لك في حبيبتي خبرٌ؟ أم هل تأتيني بوصلٍ من سفرها؟
ويصف الشاعر حبيبته في أبيات جميلة، ويعبر عن اشتياقه لها:
فكم ناجيتها بعينٍ دامعةٍ وكم ناجيتها بالهوى واختصامها تبدو كأنها البدرُ في سماءٍ تضيءُ نجومُها في ظلمةِ الدجى
ويصف الشاعر نفسه في أبيات أخرى، ويعبر عن معاناته من الغربة:
وددتُ أنني أسيرٌ في قيدٍ أو مُقيدٌ في قيودِ الحديدِ أو مُعذبٌ في نارِ جهنمٍ أَهونَ من ما أنا فيهِ من الشقاء
ويختم الشاعر القصيدة بلوم الناس الذين يلومونه على حزنه، ويؤكد لهم أنه لا يشعر إلا بالألم والأسى:
يا قومُ، لا تلوموني على حزني ولا تعجبوا من ندائي بالويلِ فإني لم أُخلقْ لأكونَ فرحًا إنما خُلقتُ لأكونَ في الويلِ
تحليل القصيدة
تتميز قصيدة محالبين بالعديد من الخصائص الفنية، منها:
- الموضوع: تتناول القصيدة موضوع الغربة والفراق، وهو موضوع شائع في الشعر العربي، وقد تناوله العديد من الشعراء، منهم المتنبي وابن الرومي وعمر بن أبي ربيعة.
- العاطفة: تعبر القصيدة عن عاطفة الحزن والأسى، وهي عاطفة صادقة نابعة من تجربة الشاعر الشخصية.
- الأسلوب: تتميز القصيدة بأسلوبها السهل الممتنع، وباستخدامها للصور الشعرية الجميلة، مثل:
- "محا البين ما أبقت عيون المها مني" (تشبيه).
- "حمامُ البانِ، هل لك في حبيبتي خبرٌ؟" (استفهام).
- "فكم ناجيتها بعينٍ دامعةٍ" (تشبيح).
- "تبدو كأنها البدرُ في سماءٍ" (تشبيه).
- "وددتُ أنني أسيرٌ في قيدٍ" (تكرار).
- "يا قومُ، لا تلوموني على حزني" (نداء).
أثر القصيدة
تركت قصيدة محالبين أثرًا كبيرًا في الأدب العربي، وقد أصبحت من أشهر قصائد البارودي، وترجمت إلى العديد من اللغات.
وقد تأثر بها العديد من الشعراء، منهم أحمد شوقي وحافظ إبراهيم ومحمد مهدي الجواهري.
وقد كتب عنها العديد من النقاد، منهم أحمد زكي أبو شادي وطه حسين.
