في نص "المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب"، يطرح ابن خلدون نظرية اجتماعية تاريخية مهمة، مفادها أن الشعوب المغلوبة تميل إلى اتباع عادات وتقاليد وثقافة الشعب الغالب. ويشرح ابن خلدون أسباب هذه الظاهرة في عدة نقاط، أهمها:
- اعتقاد المغلوبين بكمال الغالب: يعتقد المغلوبون أن الغالب يتمتع بصفات القوة والكمال، وأن هزيمتهم له دليل على ذلك. وبالتالي، فإنهم يحاولون الاقتداء به في كل شيء، ليحققوا لنفسهم نفس الصفات.
- رغبة المغلوبين في الاندماج مع الغالب: يرغب المغلوبون في الاندماج مع الغالب، ليشعروا بالانتماء والقبول. وبالتالي، فإنهم يحاولون التشبه بالغالب في عاداته وتقاليده، ليصبحوا جزءًا من مجتمعه.
- تأثير الثقافة والحضارة الغالب: تتميز الثقافة والحضارة الغالب بأنها أكثر تطورًا وتقدمًا من ثقافة وحضارة المغلوب. وبالتالي، فإن المغلوبين يشعرون برغبة في التعلم من الغالب، والاستفادة من ثقافته وحضارته.
يمكن ملاحظة هذه الظاهرة في العديد من المواقف التاريخية والواقعية. فمثلا، بعد هزيمة المسلمين في معركة عين جالوت، بدأوا في التعرف على الثقافة والحضارة الأوروبية، واقتدوا بها في العديد من المجالات، مثل العلوم والفنون والعمارة.
وفيما يلي بعض الأمثلة على اقتداء المغلوبين بالغالب:
- في المجال الثقافي: اقتداء المغلوبين باللغة والدين والعادات والتقاليد للغالب.
- في المجال السياسي: اقتداء المغلوبين بالنظام السياسي والإداري للغالب.
- في المجال الاقتصادي: اقتداء المغلوبين بالنظام الاقتصادي للغالب.
ولعل هذه الظاهرة هي أحد الأسباب الرئيسية لانتشار الثقافات الأجنبية في العالم اليوم.