قصيدة سئمت تكاليف الحياة هي مقطع من معلقة زهير بن أبي سلمى، وتعتبر من أشهر القصائد في الشعر الجاهلي، وأكثرها حكمة وموعظة. يبدأ المقطع بالشاعر وهو يعبر عن شعوره بالتعب والضجر من مشاق الحياة، ويختمه بالدعوة إلى القناعة والرضا بما قسم الله تعالى.
الشرح:
يستهل الشاعر المقطع بقوله:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا لا أبا لك يسأَمِ
يعبر الشاعر في هذا البيت عن شعوره بالتعب والضجر من مشاق الحياة، فمهما طال عمر الإنسان، فإنه لا بد أن يشعر بالملل والتعب من تكرار الأحداث والملل من الروتين اليومي.
ثم يصف الشاعر الحياة بأنها مليئة بالمخاطر والمفاجآت، فيقول:
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب تمته ومن تخطئ يعمَّر
فالموت يأتي بغتة دون سابق إنذار، فمن يصيبه يموت، ومن تخطئه يعيش طويلا.
ويذكر الشاعر أن الإنسان لا يعرف ما يخبئه له الغد، فيقول:
وأعلم علم اليوم والأمس قبله ولكنني عن علم ما في غدٍ عم
فالإنسان لا يعرف ما يخبئه له المستقبل، فهو لا يعلم متى يموت، ولا متى يصيبته مصيبة، ولا متى يصيبته فرحة.
ثم يدعو الشاعر إلى القناعة والرضا بما قسم الله تعالى، فيقول:
ومن لا يصانع في أمور كثيرة يُضرَّس بأنياب ويوطأ بمنصمِ
فالإنسان الذي لا يحاول أن يرضي الناس في بعض الأمور، فإنه سيتعرض للأذى، فالناس لا يرحمون، بل يحاولون ظلم بعضهم البعض.
ويذكر الشاعر أن الإنسان الذي يبخل بفضله على قومه، فإنه يستحق أن يهان، فيقول:
ومن يكن ذا فضل فيبخل بفضله على قومه يُستغن عنه ويُذمِمِ
فالإنسان الذي يملك فضلًا، ولكنه يبخل به على قومه، فإنه يستحق أن يُهان، فالله تعالى لا يحب البخيل، ولا يحب أن يبخل الإنسان بما عنده من فضل.
ويذكر الشاعر أن الإنسان الذي يقدم المعروف على عرضه، فإنه يفوز برضا الله تعالى، فيقول:
ومن يجعل المعروف من دون عرضه يفره ويفره حين يُخْتَبَرِ
فالإنسان الذي يقدم المعروف على عرضه، فإنه يفوز برضا الله تعالى، ويفوز بحب الناس.
ويذكر الشاعر أن الإنسان الذي يصغي إلى كلام الناس، فإنه سيسمع منهم كل شيء، فيقول:
ومن يغترِب يحسب عدوا صديقه ومن لا يتقي الشتم يُشتَمِ
فالإنسان الذي يسافر ويعيش بين قوم آخرين، فإنه قد يحسب أن صديقه عدو له، وذلك لأنه لا يعرفهم جيدًا.
ويذكر الشاعر أن الإنسان الذي لا يحافظ على حدوده، فإنه سيتعرض للظلم، فيقول:
ومن لا يزد عن حوضه بنفسه يهدم ومن يخالق الناس يعلمِ
فالإنسان الذي لا يحافظ على حدوده، فإنه سيتعرض للظلم، فالناس لا يحترمون حدود الآخرين.
ويختم الشاعر المقطع بالدعوة إلى القناعة والرضا بما قسم الله تعالى، فيقول:
ومن هاب أسباب المنية يلقاها وإن يرق أسباب السماء بسلمِ
فالإنسان الذي يخاف الموت، فإنه سيموت، فالموت حق على كل إنسان.
القيم التي برزت في القصيدة:
برزت في القصيدة قيم عديدة، منها:
- قيمة القناعة والرضا بما قسم الله تعالى.
- قيمة الصبر على مشاق الحياة.
- قيمة العدل والإنصاف.
- قيمة الكرم والجود.
- قيمة الأخلاق الحميدة.
الأهمية الأدبية للقصيدة:
تعتبر قصيدة سئمت تكاليف الحياة من أشهر القصائد في الشعر الجاهلي، وأكثرها حكمة وموعظة، وقد حظيت باهتمام كبير من النقاد والدارسين، وقد تم شرحها وتحليلها في العديد من الكتب والدراسات.