الآية الكريمة "وتلك الأيام نداولها بين الناس" (آل عمران: 140) تعني أن الله سبحانه وتعالى يُقَدِّر للناس القوة والضعف، والغنى والفقر، والنصر والهزيمة، والنجاح والفشل، والحياة والموت، على فترات متقطعة، ليتبين الحق من الباطل، والصادق من الكاذب، والمؤمن من الكافر.
وهذا التقلب في أحوال الناس هو سنة من سنن الله في خلقه، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم في مواضع عديدة، منها:
- قوله تعالى: "وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ" (الأنعام: 18).
- قوله تعالى: "وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ" (آل عمران: 140).
- قوله تعالى: "وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَحْوِيلاً" (فاطر: 43).
وهذه السنة الإلهية لها العديد من الفوائد، منها:
- أنها تُعَلِّم الناس أن النصر أو الهزيمة، والغنى أو الفقر، والحياة أو الموت، ليست بيد البشر، وإنما هي بيد الله تعالى، الذي يُقَدِّر ما يشاء، ويفعل ما يريد.
- أنها تُعَلِّم الناس أن الظلم لا يدوم، وأن الحق سيظهر في النهاية.
- أنها تُعَلِّم الناس أن الصبر والثبات على الحق هو السبيل إلى النصر.
وفي ضوء هذا التفسير، فإن الآية الكريمة "وتلك الأيام نداولها بين الناس" تُعَلِّم المسلمين أن لا يفرحوا بالنصر، ولا يحزنوا بالهزيمة، وأن يصبروا على الحق، مهما طالت محنتهم، فإن الله تعالى سينصرهم في النهاية.