يتحدث النص "المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب" للعالم العربي ابن خلدون عن علاقة الغالب والمغلوب، وكيف أن المغلوب يميل إلى تقليد الغالب في كل شيء، سواء في عاداته وتقاليده، أو في ثقافته وفنونه، أو حتى في أسلوب حياته.
ويرى ابن خلدون أن سبب هذا الميل هو أن النفس البشرية بطبيعتها تميل إلى الكمال، وبما أن الغالب قد غلب المغلوب، فهذا يعني أن الغالب يتمتع بصفات الكمال، سواء كانت القوة أو الذكاء أو المهارة أو الجمال. ولذلك، فإن المغلوب يعتقد أن تقليد الغالب هو السبيل إلى اكتساب هذه الصفات والكمالات.
ويضرب ابن خلدون أمثلة على هذا الميل إلى التقليد، حيث يقول: "ولذلك ترى المغلوب يتشبه أبداً بالغالب في ملبسه ومركبه وسلاحه في اتخاذها وأشكالها، بل وفي سائر أحواله".
ويمكن أن نجد أمثلة على هذا الميل إلى التقليد في العديد من المجتمعات والثقافات المختلفة. فمثلاً، عندما غزت أوروبا العالم الإسلامي في العصور الوسطى، بدأ المسلمون يقلدون الأوروبيين في عاداتهم وتقاليدهم، مثل ارتداء الملابس الغربية وتناول الطعام الأوروبي وبناء المنازل الأوروبية.
وأيضاً، عندما غزت الولايات المتحدة العالم في القرن العشرين، بدأ الناس في جميع أنحاء العالم يقلدون الأمريكيين في عاداتهم وتقاليدهم، مثل ارتداء الملابس الأمريكية وتناول الطعام الأمريكي واستخدام المنتجات الأمريكية.
وهذا الميل إلى التقليد يمكن أن يكون له آثار إيجابية وسلبية. فمن الناحية الإيجابية، يمكن أن يؤدي إلى نشر الثقافة والحضارة بين الشعوب المختلفة. ومن الناحية السلبية، يمكن أن يؤدي إلى فقدان الهوية الثقافية للشعوب الخاضعة للغزو.