في نصه "مشكلة لاستقراء" يتناول زكي نجيب محمود مسألة صحة الاستقراء، وهو منهج ينتقل فيه العقل من الجزئيات إلى الكليات. ويطرح الكاتب إشكالية أساسية في هذا المنهج، وهي أنه لا يمكن ضمان صحة الاستقراء بشكل مطلق، لأن القاعدة العامة التي يتم التوصل إليها من خلال الاستقراء قد لا تنطبق على جميع الحالات الفردية.
يبدأ الكاتب بتعريف الاستقراء بأنه "انتقال من الجزئيات إلى الكليات، أو من الخاص إلى العام". ثم يشير إلى أن الاستقراء هو أساس كل المعرفة العلمية، فكل نظرية علمية تستند إلى مجموعة من الحقائق الجزئية التي تم استقراؤها.
بعد ذلك، ينتقل الكاتب إلى طرح إشكالية صحة الاستقراء. ويوضح أن الاستقراء لا يمكن ضمان صحة أحكامه بشكل مطلق، لأن القاعدة العامة التي يتم التوصل إليها من خلال الاستقراء قد لا تنطبق على جميع الحالات الفردية.
ويقدم الكاتب أمثلة على ذلك، مثل قاعدة "كل طائر يطير". فهذه القاعدة صحيحة في معظم الحالات، ولكن هناك بعض الطيور التي لا تطير، مثل البطريق.
ويخلص الكاتب إلى أن الاستقراء هو منهج ناجح في معظم الحالات، ولكنه لا يمكن الاعتماد عليه بشكل مطلق. ولذلك، يجب على الباحث العلمي أن يكون على دراية بحدود الاستقراء، وأن يسعى إلى استخدام أساليب أخرى لضمان صحة أحكامه.
التوضيح
يمكن توضيح إشكالية صحة الاستقراء من خلال المثال التالي:
- نلاحظ أن جميع القطط التي رأيناها سوداء اللون.
- نفترض بناءً على ذلك أن جميع القطط سوداء اللون.
هذه القاعدة العامة قد تكون صحيحة في معظم الحالات، ولكن من الممكن أن نجد قطة بيضاء اللون في المستقبل. وفي هذه الحالة، ستكون القاعدة العامة خاطئة.
ولذلك، لا يمكن ضمان صحة الاستقراء بشكل مطلق، لأن القاعدة العامة التي يتم التوصل إليها من خلال الاستقراء قد لا تنطبق على جميع الحالات الفردية.
وهناك عدة أسباب تؤدي إلى عدم ضمان صحة الاستقراء بشكل مطلق، منها:
- وجود حالات شاذة: قد تكون هناك حالات فردية لا تنطبق عليها القاعدة العامة التي تم التوصل إليها من خلال الاستقراء.
- تغير الطبيعة: قد تتغير الطبيعة بمرور الوقت، مما يؤدي إلى عدم صحة القاعدة العامة التي تم التوصل إليها من خلال الاستقراء.
- حدود المعرفة البشرية: قد تكون معرفتنا بالطبيعة محدودة، مما يؤدي إلى عدم صحة القاعدة العامة التي تم التوصل إليها من خلال الاستقراء.
الحلول المقترحة
هناك عدة حلول مقترحة لمعالجة إشكالية صحة الاستقراء، منها:
- استخدام أساليب أخرى لضمان صحة أحكامنا: يمكن استخدام أساليب أخرى لضمان صحة أحكامنا، مثل القياس المنطقي أو التجربة العلمية.
- الاعتراف بحدود الاستقراء: يجب الاعتراف بحدود الاستقراء، وأن لا نعتمد عليه بشكل مطلق.
- الحرص على التدقيق في أحكامنا: يجب الحرص على التدقيق في أحكامنا المستندة إلى الاستقراء، ومحاولة إيجاد حالات شاذة قد تخالف هذه الأحكام.
وعلى الرغم من إشكالية صحة الاستقراء، إلا أنه منهج ناجح في معظم الحالات، ويمكن استخدامه لتكوين أحكام صحيحة عن الطبيعة.