لم يصور الشاعر حبيبته ماديا لعدة أسباب، منها:
- التركيز على الجوانب النفسية والوجدانية للحب: يميل شعر الغزل العربي إلى التركيز على الجوانب النفسية والوجدانية للحب، أكثر من التركيز على الجوانب المادية. فالشاعر يهتم بتصوير مشاعره وأحاسيسه تجاه حبيبته، أكثر من اهتمامه بوصف ملامحها الجسدية.
- الرمزية: قد يكون الشاعر قد استخدم حبيبته كرمز لشيء آخر، مثل الجمال أو الكمال أو السعادة. في هذه الحالة، لا يكون من المهم تصويرها ماديا، بل المهم هو تصوير المعنى الذي يرمز إليه.
- التقليد الشعري: قد يكون الشاعر قد تأثر بالشعراء السابقين الذين لم يهتموا بتصوير حبيباتهم ماديا.
أما بالنسبة لاهتمام الشاعر بتصوير معاناته، فذلك لعدة أسباب، منها:
- الحب تجربة إنسانية عميقة: الحب تجربة إنسانية عميقة، يمكن أن تؤدي إلى السعادة والفرح، كما يمكن أن تؤدي إلى الألم والمعاناة. فالشاعر يهتم بتصوير تجربته العاطفية الحقيقية، بما في ذلك معاناته.
- التعبير عن الذات: يعبر الشعر عن مشاعر وأحاسيس الشاعر. فالشاعر يلجأ إلى الشعر للتعبير عن آلامه ومعاناته، كما يلجأ إليه للتعبير عن حبه وشغفه.
- التأثير على القارئ: يسعى الشاعر إلى التأثير على القارئ، وجعله يشاركه مشاعره وأحاسيسه. فالشاعر يصور معاناته حتى يشعر القارئ بها، ويتفاعل معها.
وفيما يلي بعض الأمثلة على شعر الغزل الذي يصور معاناة الشاعر:
- قول الشاعر أبو فراس الحمداني:
ماذا أقول لصاحبتي إذا جئتها ** وقد هجرتني وذاقت طعم الهوى هجرتني وقلبها يهوى لقائي ** ودمع عينها ينم عن الهوى
لقد كدت أموت من كثرة الألم ** ولكني أصبر على ما نزل أصبر على هجرها ولو كان ** صبر على موت الحبيب أسهل
- قول الشاعر عمر بن أبي ربيعة:
رأيتك فقلت : يا ليت حبيبتي ** أنت ! فقالت : يا ليت حبيبي أنت فقلت : إني في حبك متيم ** فقالت : إني في حبك متيمة فقلت : إني في شوقك مشتاق ** فقالت : إني في شوقك مشتاقة
وهكذا، فإن عدم تصوير الشاعر حبيبته ماديا، واهتمامه بتصوير معاناته، هما من السمات المميزة للشعر الغزلي العربي.