نعم، الذين يراقبون ربهم بعيدون عن كل معصيته، وذلك لأن المراقبة لله تعالى تعني تذكره في كل الأحوال، والإحساس بأنه يعلم ما يفعله العبد ويسمع ما يقوله، وأنه مطلع على ما في قلبه ونفسه. وهذا الشعور يدفع العبد إلى اجتناب المعاصي، لأنه يعلم أن الله تعالى يراه ويسمعه، وأن الله تعالى لا يحب المعاصي ولا يرضى بها.
فمن يراقبه الله تعالى يشعر بأنه في موقف حرج أمام الله تعالى، فلا يستطيع أن يفعل ما يخالف أمر الله تعالى أو يغضبه. وهذا الشعور يجعله يحرص على طاعته وأداء فرائضه، ويجعله يبتعد عن كل ما يغضب الله تعالى من المعاصي.
وهناك العديد من الأدلة القرآنية والأحاديث النبوية التي تؤكد على هذه الحقيقة، منها قوله تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا" (الطلاق: 2-3).
وقوله تعالى: "وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا" (الإسراء: 32).
وقوله تعالى: "وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ" (الأنعام: 121).
وقوله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله وأطيعوا، فإن من يطيع الله يوفّقه الله، ومن يعصي الله يخذله الله".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يخاف الله في الدنيا إلا وقاه الله في الآخرة".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "من اتقى الله أصلح له دنياه وأخراه".
وهكذا، فإن المراقبة لله تعالى هي أساس التقوى، وهي التي تدفع العبد إلى اجتناب المعاصي والطاعة لله تعالى.